خذ من الدنيا بحظ ... قبل أن تنقل عنها
فهي دار ليس تلقى ... بعدها أطيب منها
والثاني يؤمن به ولكن يخاف ذنبه، فأما من لم يكن كذلك فإنه يحبه ويتمناه كما أحبه الصالحون وتمنوه. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه " وقال تعالى: (فتمنوا الموت إن كنتم صادقين) تنبيهاً على أن من يكون متحققاً بحسن حاله عند الله لم يكره الموت. فالموت هو باب من أبواب الجنة منه يتوصل إليها، ولو لم يكن موت لم تكن الجنة ولذلك منَّ الله تعالى به على الإنسان فقال: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) فقدم الموت على الحياة تنبيهاً على أنه يتوصل به إلى الحياة الحقيقية وعدّه علينا في نعمه فقال: (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم) فجعل الموت أنعاماً كما جعل الحياة أنعامأ لأنه لما كنت الحياة الأخروية نعمة لا وصول إليها إلا بالموت فالموت نعمة لأن السبب الذي يتوصل به إلى النعمة نعمة، ولكون الموت ذريعة إلى السعادة الكبرى لم يكن الأنبياء والحكماء يخافونه، حتى قال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام: والله ما أبالي أقع على الموت أو يقع الموت عليَّ. وكانوا يتوقعونه ويرون أنهم في حبس فينتظرون المبشر بإطلاقهم. وعلى هذا روي: " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ". وقيل أنه لما مات داود الطائي سمع هاتف