في كون الإنسان هو المقصود من العالم وإيجاد ما عداه لأجله
المقصود من العالم وإيجاده شيئاً بعد شيء هو أن يوجد الإنسان، فالغرض من الأركان أن يحصل منها النبات، ومن النبات أن تحصل الحيوانات، ومن الحيوانات أن تحصل الأجسام البشرية ومن الأجسام البشرية، أن يحصل منها الأرواح الناطقة، ومن الأرواح الناطقة أن يحصل منها خلافة الله تعالى في أرضه فيتوصل بلإيفاء حقها إلى النعيم الأبدي كما دلَّ الله تعالى عليه بقوله: (إني جاعل في الأرض خليفة) . وجعل تعالى الإنسان سلالة العالم وزبدته وهو المخصوص بالكرامة كما قال تعالى: (ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) . وجعل ما سواه كالمعونة له كما قال تعالى في معرض الامتنان: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً) . فليس فضله بقوة الجسم، فالفيل والبعير أقوى جسماً منه، ولا بطول العمر فالنسر والحية أطول منه عمراً، ولا بشدة البطش فالأسد والنمر أشد منه