بطشاً، ولا بحسن اللباس والدراج أحسن منه لباساً، ولا بالقوة على النكاح فالحمار والعصفور أقوى منه نكاحاً، ولا بكثرة الذهب والفضة فالمعادن والجبال أكثر منه ذهباً وفضةً. وما أحسن قول الشاعر:
لولا العقول لكان أدنى ضيغم ... أدنى إلى شرف من الإنسان
ولما تفاضلت النفوس ودبرت ... أيدي الكماة عواليَ المرَّان
ولا بعنصره الموجود منه كما زعم ابليس حيث قال: (خلقتني من نار وخلقته من طين) . بل ذلك بما خصه الله تعالى به، وهو المعنى الذي ضمنه فيه، والأمر الذي رشحه له، وقد أشار إليه تعالى بقوله: (فإذا سويتُه ونفختُ فيه من روحي فقعوا له ساجدين) وبقوله: (خلقتُ بيديَّ) . والملائكة لما نبههم الله تعالى لفضل آدم تنبهوا فأذعنوا وسجدوا له كما أُمروا. وإبليس لما نظر إلى ظاهر آدم وبدئه وتعامى عما ذكر الله تعالى، ولم يتأمل المعنى الذي ضمنه الله تعالى آدم، والعاقبة التي جعلها له أبى واستكبر. وقد اقتدى به الكفار في ردّ الأنبياء حيث قالوا: (ما هذا إلاّ بشرٌ مثلكم يريد أن يتفضل عليكم) . وقالوا: (ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) . وقد نبه الله تعالى على أن الاعتبار بفضلهم ليس بظاهر