وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ، فالقرآن قد ابتدا نزوله فى ليلة القدر، ثم استمر نزوله نجوما بعد ذلك- متدرجا مع الوقائع والاحداث.
ورغم ان لكل راى من الثلاثة وجهة نظر تؤيده، أراني أميل الى راى الشعبي.
وانا اعترف بان الرأي الاول هو راى الجمهور، وان أسانيده متعددة وصحيحة، ولكن هذا الرأي يذهب الى ان للقرآن تنزلات ثلاثا، وهذه التنزلات من عالم الغيب الذي لا يؤخذ فيه الا بما تواتر يقينا فى الكتاب والسنة. اما صحة الأسانيد فى هذا القول فهي لا تكفى وحدها لوجود اعتقاده، كيف اذن وقد نطق بخلافه؟.
ان كتاب الله قد صرح بتدرج الوحى ونزوله مفرقة. كما صرح بانزاله فى ليلة القدر. ويمكن ان نحمل الانزال هنا على ابتداء النزول، فنجمع بين المعنيين.
وكثيرا ما احتفلنا بليلة القدر، ورويت للجمهور الآراء المتعددة فى نزول القرآن بيد ان راى الشعبي يظل أيسرها وأبقاها تعلقا فى أذهان الجمهور.
ان هذا الرأي يعتمد على القرآن بالدرجة الاولى، ولا يصنع اكثر من ان يوفق بين ما ظاهره التعارض من آياته.
ذكر العلماء قولا رابعا فى نزول القرآن، هو انه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة، وان الحفظة نجمته على جبريل فى عشرين ليلة، وان جبريل نجمه على النبي صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة (?) .
وقد ذكر مقاتل بن سليمان هذا القول فى تفسيره مرة واحدة، عند تفسيره لسورة الدخان، بعد ان ذكر القول المشهور عنه، الذي كرره فى تفسيره.
ويمكننا ان نقول ان لمقاتل فى نزول القرآن رأيين، راى يرجحه، وهو نزول القرآن فى ثلاث وعشرين ليلة قدر، من اللوح المحفوظ الى سماء الدنيا، ينزل فى كل ليلة قدر منها ما يقدر الله انزاله فى كل السنة، ثم ينزل بعد ذلك منجما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى جميع السنة.
وراى يجيزه، وقد عبر عنه بقوله:
(نزل القرآن كله من اللوح المحفوظ إلى السفرة فى ليلة واحدة «هي» ليلة