إذا كان المسلمون قد تاثروا باليهود فى الاسرائيليات التي تناقلها بعض المفسرين- وأفلح المصلحون، او كادوا- فى تطهير العقول منها والرجوع بها الى الجادة الاسلامية. فان بعض المستشرقين يتخذ من ذلك ذريعة للقول بان الإسلام نسخة من اليهودية.
وهو قول خاطئ واشاعة رائجة «لم يبرأ منها رجل فى طبقة الدكتور (شويتزر) فى الثقافة والخلق» (?) .
والحقيقة المجردة هي:
ان اليهودية دين سماوي، والإسلام دين سماوي ومصدر الوحى فى القرآن، وغيره من الكتب السماوية، واحد، وهو الله جل وعلا.
وقد كان القرآن خاتم الكتب السماوية فمن الطبيعي ان يكون فى القرآن ما فى هذه الكتب والرسالات السماوية من انباء وقصص، وان كان بعضها على نحو ابسط وأوجز، هذا لا عجب فيه، ولو كان الأمر غير هذا لكان هو العجب.
«من هنا، كان خطا بعض المستشرقين خطا كبيرا فى المنهج حين يتعرضون لشيء مما حوى القرآن من تلك الأنباء وذلك القصص، متخذين التوراة وحدها المقياس والمصدر لكل شيء من اخبار الماضين، متناسين ان كلا من التوراة والقرآن من عند الله الذي أودع فى كل من الكتابين ما شاء من العقائد وقصص الماضين، على النحو الذي شاء من البسط او الإيجاز» (?) .
لا معنى إذا للقول بان القرآن أخذ هذه القصة او تلك عن التوراة، او الادعاء بان الرسول كان يعرف التوراة وأخذ عنها. هذا وذاك لا ضرورة لافتراضه، ما دام كل من الكتابين من عند الله. وبخاصة انه قد تعارف الناس جميعا ان محمدا عليه الصلاة والسلام كان اميا لا يقرا ولا يكتب، قال تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ 9» .
ثم كيف يفسر هؤلاء المتعنتون اشتمال القرآن على قصص وانباء لم تجيء فى التوراة، بل لم تشر إليها ان كانت هي المصدر الذي أخذ منه الرسول ما أخذ فى هذه الناحية؟ (?) .