وأقاويلهم أقوى من ان نقرنها بكتاب الله ونضعها منه موضع التفسير او البيان؟! اللهم غفرا) (?) .
وأخيرا فانا نرى ان اعتذار الطوفى وغيره عن المفسرين لا يعفيهم ابدا من المسئولية، ولا يعفى من نقل عنهم جيلا بعد جيل، تلك البيانات والروايات الغريبة العجيبة التي شغلت الحيز الكبير من كتب التفسير، وأدت الى تشويش الأذهان، والتغطية على محكم القرآن، فوجود هذه الاسرائيليات فى اسفار اليهود وكتبهم لا يسوغ إيرادها فى كتب التفسير على علاتها، حيث توهم من يقرؤها انها بيان للقرآن وتوضيح لاهدافه. مع انها صارفة للذهن عما اقتضت حكمة التنزيل إيراده.
«وبعضها من عمل القصاص ووضاع الحديث واهل الدس والكيد من اليهود» (?) . قال الامام احمد: (ثلاثة امور ليس لها اصل التفسير والملاحم والمغازي) ، ويريد من التفسير هنا التفسير بالرواية، ويعنى بأنها ليس لها اصل:
انها ليس لها اسناد صحيح، ومعنى هذا ان كثيرا مما روى من هذا النوع على كثرته مما يتوجه اليه الاتهام (?) .
وان على عاتقنا واجبا كبيرا نحو التفسير بالرواية، الا وهو نقد هذه المجموعة المركومة من التفسير النقلى متنا وسندا، لنستبعد منها كثيرا مما لا يستحق البقاء، ونريح الناظرين فى كتاب الله من الاتصال به، إذا ما حاولوا تفهم آيه، فلا يقفون عند شيء لا أساس له.
واما هذه الاسرائيليات، فعلينا ازاءها واجب آخر، هو جمع هذه القصص ودرسها مردودة الى أصولها، مبينة مصادرها، ليدل ذلك على مسالك التأثر والتأثير بين الأديان (?) .