يقول الله تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) للعلماء في هذه الآية وجهان: الوجه الأول: أنه لا يقبل قذف الزوج لزوجته إلا إذا قرنه بالرؤية، فقال: لقد رأيتها بعيني تزني، فلا يقبل من الزوج أن يقذف زوجته ويلاعنها بعد القذف، إلا إذا جمع بين أمرين: القذف، مع نسبة ذلك القذف إلى الرؤية، فيقول: زوجتي فلانة زانية رأيتها بعيني، أو فلانة زوجتي رأيتها بعيني تزني، هذا يسمى عند العلماء: بالقذف المقيد بالرؤية، وهذا هو مذهب المالكية، يقولون: إذا قذف الزوج زوجته فإنه لا يُقْبَل لعانه إلا إذا قرنه بالرؤية، فلو قذفها بناءً على خبر أحد، أو شهادة مَن يعرف فيه الصدق، فإنه يقام عليه حد القذف ثمانون جلدة إذا لم يقم البينة كاملة، وهذا هو الذي يسميه العلماء: القذف المجرد، وهو أن يقذفها بقذف مجرد من الرؤية.
الوجه الثاني: مذهب جمهور العلماء أن من قذف زوجته مطلقاً، سواء قذفها مجرداً عن الرؤية فقال: فلانة زانية، أو قذفها مقيداً بالرؤية، فقال: رأيتها بعيني تزني، أنه يوجب ثبوت اللعان له.
ومذهب الجمهور هو أصح الأقوال في المسألة.
واحتج الأولون بحديث عويمر إذ قال فيه: (والله! لقد رأيتها بعيني يا رسول الله! والله يا رسول الله! لقد رأيت بعيني وسمعت بأذني) قالوا: فهذا يدل على أن القذف لابد أن يستند إلى الرؤية.
والجواب عن هذا الحديث بأمرين، الأمر الأول: أن الآية أطلقت والحديث مقيد؛ فلفظ الآية: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور:5] ، وأما الحديث فلفظه: (لقد رأيت بعيني وسمعت بأذني) فيجاب عنه بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يطالبه بالتقييد.
والأمر الثاني: أنه جمع بين السماع والرؤية، وبالإجماع لا يشترط قوله: (سمعت بأذني) فكذلك قوله: (رأيت بعيني) .
فهذا هو أصح الأقوال؛ أن الزوج إذا قذف زوجته مطلقاً أنه يلاعنها.