وهذه الآيات فيها رحمة من الله تبارك وتعالى بعباده؛ لأن النساء يختلفن في العفة والبُعد عن الوقوع في الفاحشة، فلو أن الله تبارك وتعالى أوقف الزوج بين الخيارات الثلاثة: بين أن يَقْتُل فيُقْتَل، وبين أن يسكت على الغيظ، وبين أن يقذف فيُجْلَد الحد، والعياذ بالله! لكان في ذلك من البلاء ما لا يعلمه إلا الله، فنزلت هذه الآيات رحمة من الله بعباده، ولطفاً من الله بخلقه، ولذلك قال العلماء: إن الغالب في الزوج أن لا يقدم على تهمة زوجته إلا إذا كان عنده ما يوجب ذلك، فلا يعقل أن الإنسان يفسد فراشه وينفي ولده إلا وهو معتمد على دليل، ولذلك كان هذا الحكم من الشرع قمةً في السوية والعدالة، ذلك أن الله عز وجل لو قال لنبيه أو أوحى لنبيه: أن اقبل قذف الأزواج، وأقم على الزوجات الحد مطلقاً لكان في ذلك ضرر بالزوجات، ولفُتِح باب انتقام الأزواج من زوجاتهم، ولو قال بالعكس: لا تَقْبَل شهادة الزوج مطلقاً، وأقم عليه حد القذف لكان في ذلك من الضرر بالرجال ما لا يعلمه إلا الله، ولكنَّ الله عز وجل أقام الميزان العدل، فأمره أن يقيم هذه الشهادة، وهي شهادات اللعان؛ خمس من الزوج، وخمس من الزوجة بالغة في النكال والعقوبة -والعياذ بالله-، يُوقف عند الخامسة فيُذكَّر بالله عز وجل، وتُوقف المرأة عند الخامسة فتذكر بالله عز وجل، وكل يمين من هذه الخمس بمثابة الشاهد، فما أنسبه من حكم! وما أعدله من شرع!