وسؤال يطرح نفسه متى يحق للزوج أن يتهم زوجته بالزنا؟ لا يحق للزوج أن يتهم الزوجة بالزنا إلا إذا تحقق من ذلك بأن رآها أو تبين زناها، على خلاف عند العلماء في ضوابط ذلك التبين، فمذهب بعض العلماء: أنه إذا أخبره ثلاثة ممن يثق بهم، أو اثنان ممن يثق فيهم عدالةً وأمانةً وصدقاً، أن من حقه أن يقذفها بناءً على شهادتهم، ومن حق الزوج أن يلاعن زوجته في حالتين: الأولى: إذا رأى منها الزنا.
الثانية: إذا كان هناك أمرٌ يَخشى منه اختلاط النسب، كأن تكون المرأة حَمَلت من هذا الزنا والعياذ بالله! فإذا حملت من زناها وجب عليه أن يلاعنها لكي ينفي هذا الولد، فيبعده عن أن يرثه ويُنسب إليه؛ ويستبيح النظر إلى بناته من امرأة أخرى ومحارمه اللاتي لا يحق له النظر إليهن.
فلذلك قال العلماء: يجب على الزوج أن يلاعن زوجته، وأن ينفي الولد عنه إذا تحقق من زناها، وكان ذلك الزنا في طهر لم يجامعها زوجها فيه، فكان الماء خالصاً لهذا الزاني، فالولد خالص له، فينبغي أن يسعى في نفي هذا الولد عنه، وإلا أثم شرعاً.
ومن العلماء مَن قيد ذلك فقال: إذا رأى امرأته على الزنا، وكان ذلك على الصفة التي ذكرناها في طهر لم يجامعها فيه، قالوا: له إذا استطاع أن يأخذ الولد بعد ولادتها فيضعه لقطة يأخذه الغير، فيسلم من شر عاره، ودخوله على أولاده وبناته، قالوا: يجوز له الستر في هذه الحالة، أما إذا لم يتمكن من ذلك، وتعلق به هذا الولد، فإنه يجب عليه أن يلاعن، لما في إثباته والسكوت عنه من حصول الإضرار، واستباحة المحارم بالنظر إليهن والجلوس معهن، من هذا الابن الذي هو ابن زناً والعياذ بالله!