الِابْتِدَاءِ، وَتَرْكِ رَدِّهَا عَلَى قَوْلِهِ: {لَآيَاتٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الجاثية: 3] ، وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ (آيَاتٍ) خَفْضًا بِتَأْوِيلِ النَّصْبِ رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: {لَآيَاتٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الجاثية: 3] وَزَعَمَ قَارِئُو ذَلِكَ كَذَلِكَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُمُ اخْتَارُوا قِرَاءَتَهُ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ فِي الْآيَاتِ الثَّلَاثَةِ «لَآيَاتٌ» بِاللَّامِ فَجَعَلُوا دُخُولَ اللَّامِ فِي ذَلِكَ فِي قِرَاءَتِهِ دَلِيلًا لَهُمْ عَلَى صِحَّةِ قِرَاءَةِ جَمِيعِهِ بِالْخَفْضِ، وَلَيْسَ الَّذِي اعْتَمَدُوا عَلَيْهِ مِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ بِحُجَّةٍ، لِأَنَّ لَا رِوَايَةَ بِذَلِكَ عَنْ أُبَيٍّ صَحِيحَةٌ، وَأُبَيُّ لَوْ صَحَّتْ بِهِ عَنْهُ رِوَايَةٌ، ثُمَّ لَمْ يَعْلَمْ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ بِالْخَفْضِ أَوْ بِالرَّفْعِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُهُ خَفْضًا، بِأَوْلَى مِنَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُهُ رَفْعًا، إِذْ كَانَتِ الْعَرَبُ قَدْ تُدْخِلُ اللَّامَ فِي خَبَرِ الْمَعْطُوفِ عَلَى جُمْلَةِ كَلَامٍ تَامٍّ قَدْ عَمِلَتْ فِي ابْتِدَائِهَا «إِنَّ» ، مَعَ ابْتِدَائِهِمْ إِيَّاهُ، كَمَا قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ:
إِنَّ الْخِلَافَةَ بَعْدَهُمْ لَذَمِيمَةٌ ... وَخَلَائِفٌ طُرُفٌ لَمِمًا أَحْقِرُ
فَأَدْخَلَ اللَّامَ فِي خَبَرِ مُبْتَدَأٍ بَعْدَ جُمْلَةِ خَبَرٍ قَدْ عَمِلَتْ فِيهِ «إِنَّ» إِذْ كَانَ الْكَلَامُ، وَإِنْ ابْتُدِئَ مَنْوِيًا فِيهِ إِنَّ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْخَفْضَ فِي هَذِهِ الْأَحْرُفِ وَالرَّفْعِ قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَةِ الْأَمْصَارِ قَدْ قَرَأَ بِهِمَا عُلَمَاءُ مِنَ الْقُرَّاءِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبَأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ