القارئ: ولا يصح ضمان الأمانات كالوديعة ونحوها لأنها غير مضمونة على من هي في يده فكذلك على ضامنه وإن ضمن لصاحبها ما يلزم بالتعدي فيها صح نص عليه أحمد رضي الله عنه لأنها تصير مضمونة على المضمون عنه ولا يصح ضمان مال الكتابة وعنه يصح لأنه يجوز أن يضمن عنه دين آخر والمذهب الأول لأن مال الكتابة غير لازم ولا يفضي إلى اللزوم لأنه يملك تعجيز نفسه ولأن الضمان لتوثيق الحق ومالا يلزم لا يمكن توثيقه وفي ضمان مال السلم روايتان إحداهما يصح لأنه دين لازم فأشبه القرض والثانية لا يصح لأنه يفضي إلى استيفائه من غير المسلم إليه فأشبه الحوالة به.
الشيخ: والصحيح أنه يجوز لضمان دين السلم وكذلك بالنسبة للوديعة يجوز أن يضمن التعدي فيها أو التفريط فيها لأنها إذا تلفت من غير تعدي ولا تفريط فإن المودع لا يضمن وإذا لم يضمن الأصل لم يضمن الفرع أما التعدي أو التفريط فإن المودع إذا تعدى أو فرط فإنه يضمن وحينئذ لو سألك سائل هل يصح ضمان الأمانات يعني الودائع؟ فالجواب أما ضمانها إذا تعدى أو فرط فهذا جائز وأما إذا لم يتعد ولم يفرط فهذا ليس بجائز.
فصل
القارئ: ويصح ضمان المعلوم والمجهول قبل وجوبه وبعده لقوله تعالى (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) وحمل البعير يختلف فهو غير معلوم وقد ضمنه قبل وجوبه ولأنه التزام حق من غير معاوضة فأشبه النذر وإن قال ألق متاعك في البحر وعليَّ ضمانه صح لأنه استدعاء إتلاف بعوض لغرض صحيح فصح كقوله أعتق عبدك وعليَّ ثمنه.
الشيخ: قوله (لغرض صحيح) المقصود به هنا خوف الغرق يعني أنه ينجو من الغرق مثاله سفينة محملة تكاد تغرق فقال أحد الركاب لمن له حِملها ألق متاعك وعليَّ ضمانه فهذا يجوز لأنه يشبه أنه اشتراه منه بثمنه.
فصل