قوله أمر يدل هذا على أنه لا غضاضة في الأمر في مثل هذه الأمور يعني أنه إذا كان الإنسان أمير القوم وأمرهم أن يرحلوا له راحلته وأن يضربوا له القبة وأن يقربوا طعامه أو ما أشبه ذلك فهذا ليس من المسألة المذمومة لأن هؤلاء الذين معه يرون أنهم مؤتمرون بأمره وأنهم بمنزلة الخدم له فكما أنه ليس من المسألة المذمومة أن تقول لابنك أعطني كذا أو لخادمك أعطني كذا فهذا مثله.
يقول حتى أتى بطن الوادي وهو بطن وادي عرنة وهو وادٍ مشهور معروف يفصل بين عرفة وبين مزدلفة ولهذا قال العلماء كل مشعرين فبينهما وادي فعرفة ومزدلفة بينهما عرنة ومزدلفة ومنى بينهما محسر.
يقول حتى أتى بطن الوادي فخطب الناس وأذن بلال ثم أقام.
نزل عليه الصلاة والسلام في بطن الوادي وفيه دليل على أن النزول في بطن الوادي نهاراً لا بأس به أما المبيت به ليلاً فقد ورد النهي عن ذلك لأن الإنسان لا يدري ربما يفجؤه الماء ويحصل عليه بذلك الضرر لكن في النهار لا بأس للإنسان أن ينزل لصلاة أو طعام أو ما أشبه ذلك يقول فخطب الناس ثم أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر.
في هذا دليل على أن المستحب في عرفة الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم وفيه أيضاً دليل على أن المسافر لا يصلي الجمعة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يصل الجمعة في عرفة مع أن وقفته كانت يوم الجمعة لكن السفر ليس محلاً لإقامة الجمعة ولهذا خطب الناس قبل أن يؤذن ولو كانت جمعة لخطب بعد الأذان وصرح جابر بأنه صلى الظهر ثم أقام فصلى العصر.