يقول ثم لم يصل بينهما شيئا لأن المسافر لا يسن له أن يصلي الرواتب وإلا فمن المعلوم أن بين الظهر والعصر راتبة الظهر البعدية ثم ركب صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف يعني حتى أتى الموقف الذي اختار أن يقف فيه وهو شرقي عرفة ووقف فيه عليه الصلاة والسلام وقال (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) وكأنه يقول للناس لا تتعبوا أنفسكم وتأتوا إلى هذا المكان كونوا على أمكنتكم فكل عرفة موقف لكنه اختار أن يكون هناك والحكمة والله أعلم ليكون في مؤخرة القوم لأن من عادته عليه الصلاة والسلام إذا كان في سفر صار في آخر القوم حتى يتفقد من يتخلف في عرفة أو ما أشبه ذلك.
يقول رحمه الله (فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات) والصخرات معروفة كبيرة عند الجبل الذي وقف عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وما زالت موجودة حتى الآن وقد حاول بعض الناس أن يزيلها وأن يجعل المكان مستراحاً لكن لم يحصل له ذلك والحمد لله لأنه لو حصل ذلك لكان هذا المكان منتزهاً للناس ولزالت حرمته لكن بقيت الصخرات على ما كانت عليه.
وقوله (وجعل حبل المشاة بين يديه) حبل المشاة يعني طريقهم وشبهه بالحبل لأنه موطئ الأقدام له أثر كالحبل الممدود وقيل إن حبل المشاة عبارة عن رمل مندعث بين هذه الصخرات يمشي معه المشاة (فاستقبل القبلة ولم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص) استقبل القبلة وجعل يدعو رافعاً يديه وهو راكب ولما سقط زمام ناقته أمسكه بإحدى يديه وهو رافع الأخرى عليه الصلاة والسلام وبقي يدعو إلى أن غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص يعني بذلك قرص الشمس (ودفع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهذا أولى ما فعل اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم) دفع صلى الله عليه وسلم وقد شنق لناقته القصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله من شدة شنقه لها وهو يقول (أيها الناس السكينة السكينة) ولكنه إذا وجد متسعاً أسرع.