وأما ما ساقه فقال إن جابراً قال ركب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر فالأمر كذلك وصلاها عليه الصلاة والسلام قصراً بلا جمع لأنه لم يجمع في حجه إلا في عرفة ومزدلفة يقول (إن النبي صلى الله عليه وسلم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس وأمر بقبة له من شعر فضربت له بنمرة فسار حتى أتى عرفة فوجد القبة ضربت له بنمرة).
نمرة قرية تقع في الغربي الجنوبي من عرفة وهي مستراح فمكث فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليستريح ولهذا أمر أن تضرب له قبة بنمرة ولم يأمر أن تضرب له قبة بمنى لأنها من مشاعر الحج وأما نمرة فليست من مشاعر الحج ولهذا أمر أن تضرب له قبة بنمرة ولما قالوا ألا نضرب لك بيتاً بمنى قال (لا منى مناخ من سبق).
وأما قوله (فسار حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة) فقد ظن بعض العلماء أن هذا يدل على أن نمرة من عرفة لأنه قال سار حتى أتى عرفة فوجد القبة ضربت له بنمرة ولكن هذا ليس بصحيح لأن مراد جابر بقوله حتى أتى عرفه يعني حتى صار منتهى سيره عرفة ونزل بنمرة في طريقه وقصد جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم خالف قريشاً لأن قريشاً يقولون إن أهل الحرم لا يخرجون من الحرم بل يقفون في مزدلفة كما قال في هذا الحديث (ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تفعل في الجاهلية) لكن النبي عليه الصلاة والسلام مضى حتى أتى عرفة أي حتى صار منتهى سيره إلى عرفة.
يقول فنزل بها أي في القبة حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي.