رابعاً إذا نذر الاعتكاف في مسجد غير المساجد الثلاثة فهل يلزمه؟ ظاهر كلام المؤلف أنه لا يلزمه ولو تميز الذي نذر الاعتكاف فيه بميزة والصواب أنه إذا تميز بميزة فإنه يتعين ومعنى يتميز بميزة أي بفضيلة فإنه يتعين ولا يجوز أن يعتكف في غيره مثل أن يتميز بكثرة الجماعة فإن هذا أمرٌ مقصود للشرع كلما كانت الجماعة أكثر فهي أفضل أو يتميز بكونه أقدم لأن القدم ميزة وفضيلة لأن القديم كثرت فيه العبادة والتعبد لله عز وجل أو يتميز بكونه مسجد جامع فلا يتحول إلى مسجدٍ لا تقام فيه الجمعة لأن مسجد الجامع أفضل فالمهم أنه إذا نذر الاعتكاف في مسجدٍ سوى المساجد الثلاثة فإن لم يتميز بشيء أو انتقل عما لم يتميز إلى ما تميز فهذا لا بأس به وأما أن ينتقل من متميز إلى ما دونه فهذا لا يجوز.
البحث الخامس إذا نذر الاعتكاف في المساجد الثلاثة فالمساجد الثلاثة أفضلها المسجد الحرام ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى فإن عين الأفضل لم يجز فيما دونه وإن عين المفضول أجزأ فيما فوقه فإذا نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى جاز أن يعتكف في المسجد النبوي وفي المسجد الحرام وإذا نذر في المسجد النبوي جاز في المسجد الحرام فقط وإذا نذر في المسجد الحرام لم يجز في غيره لأنه أفضل المساجد الثلاثة.
فصلٌ
القارئ: فإن عين بنذره زمناً تعين ولزمه أن يعتكف فيه لأن الله تعالى عين لعباده زمناً فتعين بالنذرفإن نذر اعتكاف العشر الأواخر لزمه دخول معتكفه قبل غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين ويخرج منه بعد غروب شمس الشهر لأن ذلك هو العشر تاماً كان الشهر أو ناقصا وعنه أنه يدخل معتكفه إذا صلى الصبح لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يصلي الصبح ثم يدخل معتكفه) متفقٌ عليه.