الشيخ: وظاهر كلام المؤلف بل صريحه أن الاعتكاف يجزيء في كل مسجد من مساجد الدنيا في مشارق الأرض ومغاربها وأما ما روي عن حذيفة رضي الله عنه أنه أتى عبد الله بن مسعود وقال قومٌ عكوفٌ بين دارك ودار أبي موسى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) فقد قال له عبد الله بن مسعود لعلهم حفظوا ونسيت وأصابوا وأخطأت فعلل روايته رضي الله عنه بأمرين أمر حديثي وأمر حكمي الأمر الحديثي لعلهم حفظوا ونسيت والأمر الحكمي لعلهم أصابوا وأخطأت كيف ذلك؟ يعني على فرض أنك لم تنس ما حفظت يكون المراد بالنفي هنا نفي الكمال فيكونون هم مصيبين وحذيفة مخطئ وبهذا نعرف أنه لاوجه لمن تمسك بهذا الحديث وقال إنه لا يصح الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ثم نقول كيف يقول الرب عز وجل (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) يخاطب به الأمة كلها ويأتي بصيغة منتهى الجموع ثم نقول لا يصح إلا في ثلاثة مساجد لا يتمكن منها إلا أقل من واحد بالألف من الأمة من عباد الله؟ هذا بعيد جداً وحمل النص على الأمر النادر دون الأمر الكثير هذا من معايب الاستدلال ولهذا قلنا فيمن قال في حديث عائشة (من مات وعليه صيامٌ صام عنه وليه) قلنا من حمله على النذر فقد أبعد الصواب لأن النذر باعتبار قضاء صوم رمضان نادر وقليل جداً فكيف يحمل على أمر قليل جداً ويترك ما هو الأكثر؟ هذا من الخطأ في الاستدلال فالصواب أن الاعتكاف جائزٌ في كل مسجد لكن لا شك أنه إذا كان في المساجد الثلاثة التي تقصد وتشد الرحال إليها لا شك أنه أفضل ولا أحد يعارض في ذلك حتى لو كان الإنسان في مكة وقال هل أعتكف في مسجدي أو أعتكف في المسجد الحرام؟ قلنا في المسجد الحرام إلا إذا ترتب على ذلك إنه يكثر خشوعه في مسجده وإقباله على الله عز وجل ويسلم من الضوضاء ومشاهدة من يكونون خطراً في مشاهدته إياهم فهنا نقول مسجدك أفضل يعني مثلاً واحد في مكة قال إذا اعتكفت في مسجد