على أن يلزمها الإثم الذي أراده منها، وجعل استقلال بولونيا رهنا بتحقيق هذه الرغبة النجسة الفاجرة. وليس ذلك وزر نابليون وحده، بل ان اسكندر دوماس، وبيرون وغوت، وبودلير والعشرات من أمثالهم كانت كلها كذلك، وهذه تراجم عظمائهم، اذا بلغت في أي منها بحث أخباره الجنسية، زكمت أنفك روائح تلك الارجاس، فجاؤوا بهذه العقلية يدرسون سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدلوا بقولهم عنه أنه شهواني، على جهل بعلم النفس، وجهل بتاريخ محمد، وبعد عن الحياد والنزاهة في البحث.
ان أشد أيام الرغبة الجنسية يقظة وثورة هي السن التي بين البلوغ والخامسة والعشرين، هذه هي السن الخطرة التي ينبغي فيها على كل عاقل وعاقلة أن يحذر فيها كل ما يجر إلى المعصية من التكشف والاختلاط، ومتابعة النظر إلى المحرمات، وادمان الفكر فيها، ولو كان الاختلاط باسم العلم أو الدرس. فأين كان محمد في هذه السن؟ وما هي حوادث صبوته؟ ولقد كان حرا، في بلد حرّ، ولو أرادها لم يمنعه منها مانع من رقابة ولا من عرف، ولقد كان لداته من الشباب غارقين في هذه الملذات، لا يحرمها عليهم دين ولا قانون.
ان سيرة محمد مكشوفة للعدو والصديق، معرضة لأنظار كل ناقد، فهل ترون فيها انه كان في هذه السن من أرباب الصبوات ومن ذوي الشهوة العارمة ومن المقبلين على المتع والملذات؟ فقد فكر مرة واحدة في أن يمارس بعض ما يمارس لداته (?) من اللهو، فألقى الله على عينيه النوم حتى فاته ما فكر فيه. ولو أنه واقع شيئا من ذلك فهل كان يسكت عنه خصومه من المشركين، وقد كانوا حريصين على حربه وايذائه من كل سبيل؟ وتزوج وهو ابن خمس وعشرين، فهل تزوج الفتاة البكر الجميلة، أم تزوج امرأة في سن أمه أرملة في الأربعين؟ وسائر زوجاته أما كان جلهن أرامل، تزوجهن زواج المصلحة؟