الحرب وكان يتخذ لها ذؤابة أحيانا، والعمائم ضرورة من ضرورات الطبيعة في الحجاز ذات الشمس المحرقة، فهم يقون رؤوسهم بها، من وقدة الشمس، ومن ذلك قيل: "العمائم تيجان العرب"، ولم يحرص فيها على لون بعينه، ولقد كانت عمامته يوم الفتح سوداء.
وليس في الاسلام محرم من الثياب الا ثوبا يكشف عن عورة، ولا يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف عن أكثر من وجهها وكفيها، وما كان من حرير للرجال، وما كان من الثياب الخالصة بأهل دين غير الاسلام بحيث ان لبسه لابس ظن أنه منهم، كلباس الرهبان مثلا. وما كان من لباس النساء خاصة يلبسه الرجل، أو من لباس الرجال خاصة تلبسه المرأة، وما كان فيه من سرف وتبذير، وكل ثوب بعد ذلك جائز اتخاذه في الاسلام.
والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يحرم زينة الله التي أخرج لعباده، ولا الطيبات من الرزق، ولا يردها، ولا يأباها ان وجدها، ولكنه لم يكن يحرص عليها، ويجعلها أكبر همه من دنياه.
لقد فرغ كذلك من شهوة الغنى والجاه، وأنتم تعرفون ان قريشا عرضوا عليه ما شاء من أموالهم ان شاء الغنى، وعرضوا عليه السلطان والامارة عليهم ان شاء الجاه، ولم يتركوا شيئا مما يعلمون ميل النفوس اليه، وتعلقها به، لا بذلوه له، ليترك دعوته. فكان يأبى عليهم ما عرضوه، راثياً لهم مشفقا عليهم.
وفرغ كذلك من أمر الشهوة الجنسية، ولقد غر أقواما من المستشرقين، الذين درسوا الرسول بهذه العقلية الأرضية المريضة، وقاسوه بالمقياس الذين يقيسون به العظماء من رجالهم. فرأوا أنه تزوج تسع نسوة، فقالوا إنه رجل شهواني، يحسبونه من نوع من عرفوا من رجال السيف أو القلم. فنابليون مثلا الذي أكره أمة كاملة بحكومتها ووجوه شعبها على أن يكونوا (قوادين) له، يوصلونه إلى الفتاة البولونية (?) التي أحب، وزاد على ذلك فاضطر أبا الفتاة