وتجريد الساحة من المفاهيم الإسلامية:
ويظهر هنا جيداً في كلمة "الشريعة" بالذات. فكتب اللغة تقول: الشريعة هي شرعة الماء. التي تطلق عليها اللهجة المصرية اسم "ترعة" أي مجرى الماء. ثم استعير اسم الشريعة من مجرى الماء واستعمل للطريقة الإلهية. تشبيها بتشريعة الماء.
ووجه الشبه - كما قال الراغب الاصفهاني:
المنافع في المعنيين - من ريّ وتطهير.
وأصبحت كلمة الشريعة بمعناها الإسلامي الجديد تعني أحكام الله ... هداية للناس، ومنهج تربية لهم، وحاكمه لحكامهم {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا}
ومعلوم أن بعد الإسلام لا يمكن أن نرجع إلى المعنى اللغوي ونهمل المعاني الشرعية {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}
فمنذ العهد المكي والقرآن يستخدم كلمة الشريعة بثوبها الجديد ومعناها الإسلامي.
واستمر الاستخدام القرآني للكلمة حتى آخر العهد المدني عندما نزلت سورة المائدة آية 18 - التي ذكرناها وسوف تبقى.
وقد فهم المشركون في مكة المقصود من كلمة الشريعة بمعناها الجديد.
فلم يقل أحد منهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - أين الشرعة التي جعلك الله عليها. لتحول مكة إلى وادٍ ذي زرع.