كان انتصار وجهة النظر الوطنية انتصارًا للصحافة المصرية التي ساهمت في ذلك مساهمة تحملت أثقالها وحدها من التضييق والإنذار والتغليق، لذلك احتفلت بتعيين شريف باشا رئيسًا للنظارة احتفالًا عامًّا، فنشرت الصحف كتاب الخديوي للقناصل الذي تضمن موافقته على اللائحة الوطنية وتعيينه لشريف باشا وأبرزت في إعجاب قوله: "إن الأمة قد أجمعت على تنفيذ مقتضى هذه اللائحة ومعلوم لجنابكم أن الأمة إذا اتفقت كلمتها وإن على خلع ملك أو سلطان فلا بد من تنفيذ إرادتها وإجابة رغبتها"1.
وعلقت الجريدة بخطورة هذا التصريح وصدقه في تقدير الخديوي لقوى الأمم وسلطانها، ثم أخذت تصف حفلات الابتهاج بالحكم الوطني الجديد وترجو في إلحاح "رجوع المجلس إلى ما كان عليه من الانتظام"2.
ثم مضت الصحف بعد تأليف النظارة الشريفية تعدد مآسي حكم الوزيرين الأجنبيين وتفسح صدرها لأنصار الخديوي فنشرت للشيخ "علي الليثي منشى المعية السنية" كما جاء في تقديمها له مقالًا ضرب فيه على الخط من قدر الحكومة السابقة التي تعدت اختصاصها وسلبت من المصريين حقهم في تولي شئونهم كما حيا الوطنيين الثائرين الذين صنعوا اللائحة الجديدة، ثم مضى فرد الفضل كله إلى الخديوي وشجاعته3.
وإذا كانت الصحافة المصرية عبرت أحسن تعبير في تصير هذه الفترة من الحياة المصرية حتى أصبحت لسان الحركة الناطق وجعلت من المصريين "أمة" كما يقول الخديوي لها خلع الملوك وتولية السلاطين، فإنها لم تنس