حقوقهم إذ أدت التزاماتها من قبل، فتحمل التجارة على الصحف المتشيعة للحكومة الأجنبية السابقة وتذكر ألوان الضيق التي ترتبت على وجود إدارتين للمطبوعات، إحداهما للصحف الفرنجية والثانية للصحف الوطنية "فإنهما على طرفي نقيض في معاملة الجرائد، تلك تطلق لها العنان ولا تعارضها فيما تقول مع كثرة وقوعها في الحكومة وافترائها الكذب على الوطن وسعيها في إفساد القلوب، والثانية تقف بالمرصاد لو ريقاتنا القائمة بخدمة الوطن وتنوير بصائر عامته وتفكيه خواطر خاصته مع صدورها عن الغيرة الصادقة والحمية الخالصة ومع صدق ولائها وحسن طاعتها وغزارة فوائدها نقول هذا وفي القلب حزازات من انقسام إدارة المطبوعات شطرين متمايزين بخلاف ما هي عليه في الدولة العثمانية وسائر الدول في العالم المتمدن ولكن لا غرابة في هذه الخلل فهو من آثار الوزارة الساقطة"1.
أحلت الصحف في عدالة المعاملة وهي ترجو هذا من وزارة الأمة على حد تعبيرها فقد فرغت من ظلم العهود السابقة وهي تعلم أن خصومها واقفون بالمرصاد للشعب وصحافته، فالأجانب وحكوماتهم لن يرضوا عن هذا النصر الشعبي الملحوظ في الموافقة على اللائحة الوطنية، والخديوي مهما يكن عطفه على هذه الحركات فهو لن يقبل انتقال السلطة من يديه، وكذلك حال خصومها من الوزراء السابقين وخاصة رياض باشا "الذي استعان بالنعمة على الكفران وجعل الجحود جزاء الإحسان فأغضب الأمة بمسلميها ونصاراها ويهودها" ثم يستقبل أديب إسحق محرر التجارة حكومة شريف استقبالًا حسنًا ويدافع عن سياستها في تحصيل المال لسد النفقات والديون، ويذكر أن الكرباج لم يعد أسلوب جبي الضرائب وأن الرئيس يجمعها "بالتشجيع على الدفع عن طريق الوطنية" ثم يطلب من المتخرصين الانزواء؛ لأن الاستقلال والحرية اللذين يشتريان بالدم والروح يمكن بذل المال للمحافظة عليهما،