على "الوطن" فإن لذلك محاكم وقضاة في وسعهم أن يردوا الجاني ويعاقبوا المسيء.
وحوالي هذا التاريخ صدر الحكم في قضية كتاب "وطنيتي" وهو يقضي بسجن فريد بك والشيخ على الغاياتي مؤلفه، وعلقت الصحف جميعًا على هذا الحكم ولم ترضَ عنه واحدة منها؛ لأنه "صادر ضد رجل من ذوي الأقلام" وقد استولت في ذلك صحف المسلمين والأقباط والأجانب1 وخاصة جريدة "المقطم" التي "شق" عليها "وهاج" عواطفها أن يصدر ذلك الحكم على خصيمها العتيد "وكأن ذلك الخصم القديم قد انقلب في شعورنا دفعة واحدة إلى صديق حميم"2.
وكان الأمل كبيرًا -وقد هدأ حدة هذه المحنة وخرج منها الصحفيون كتلة واحدة أمام الاضطهاد الذي عانته صحفهم من الإنذار أو التعطيل أو سجن أصحاب الصحف -كان الأمل كبيرًا في أن يصفو جو الصحافة حتى تعنى بالمسائل المهمة وتختم تاريخها بقيام الحرب العظمى ختامًا طيبًا، بيد أن الصحف ما لبثت أن عادت إلى خلافاتها في النظر إلى الشئون العامة، تمثل "العلم" اتجاهات الحزب الوطني الرسمية من خلفها "اللواء" وبعض الصحف الصغير ثم "المؤيد" وتعبر عن رأي حزب الإصلاح وهو حزب شديد الصلة بالقصر ومن ورائها صحف قليلة الأهمية أظهرها "الرقيب" ثم "الجريدة" أخيرًا وتنطق باسم حزب الأمة وهو حزب مسالم يرى الأمور في اتئاد ويرجو السير في مراحل الإصلاح على مهل.
ويمضي "العلم" في عنفه وقد أغراه تغيير العميد البريطاني، فقد استطاع جورست بملاينته للقصر أن يفصم عرى الود بين الخديوي والحزب الوطني ويفتت الكتلة الوطنية ويقسمها شيعًا وأحزابًا، ويخلق من المسائل الصغيرة