برعاية الدين العام1 ومعنى ذلك أن الخديوي لم يكن متحمسًا غاية التحمس لاشتراك مصر في هذه الحرب؛ لأن المساعدة المطلقة مرهونة بحال الميزانية، وميزانية مصر لم تكن تحتمل الاشتراك في الحرب ثم إن ارتباط مصر برعاية الدين العام معناه اقتصار المساعدة على صورة ضيقة جدًّا فلم تشترك إلا ببضعة آلاف من الجنود لم تتجاوز ستة آلاف جندي، وهذا عدد يسير جدًّا إذا علمنا أن سكان البلاد في ذلك الوقت كانوا ستة ملايين نفس.
فلا غرو إذن أنْ كان موقف الحكومة المصرية مما كانت تنشره الوطن وغيرها موقفًا سلبيًّا بل موقفًا فيه من التشجيع ما سمح لهذه الصحف بالحديث في أمور "بوليتيقية" من فضل في تطور هذه الصحف ونقلها إلى جو من الحرية فحسب بل كان لها فضل آخر وهو أن هذه الصحف أخذت على عاتقها وظيفة الدفاع عن الشئون المصرية الدولية وبذلك شاركت الصحافة المصرية الحكومة فيما كانت تختص به الحكومة نفسها، فقد أنتجت الحرب الروسية التركية صلح سان استيفانو بين الدولتين ثم مؤتمر برلين وما ترتب على ذلك من تضحية المساءلة المصرية من غير مبرر، واقتسام الإشراف على مالية مصر بين فرنسا وانجلترا2.