أعنف الأحاديث عن الظلم والظالمين وحكم الفرد وآثاره حتى تنبهت الحكومة إلى أن هذه الأحاديث تتجه إليها مباشرة ولا تتعلق بالحرب وظروفها فقط1 فأنذرت الأهرام وهو الإنذار الوحيد في غضون هذه الحرب، واستكتبتها الحكومة تعهدًا بألا "تدرج المواد الموجبة لتهييج الأفكار الأهلية عن أحوال الحرب الحاضرة"2.

وإذا رجعنا صحف ذلك العهد، رسمية أو شعبية تبين لنا أن جرائد مصر بأسرها شغلت بالحرب الروسية التركية، فقد طغت أنباؤها على جميع الأنباء الداخلية والخارجية، وكانت الأهرام ضمن الصحف التي وقفت إلى جانب السلطان، تؤازره بالمقال، وتؤيده بالأخبار السارة عن مواقف جنوده في بعض المواقع، كما أنها ذهبت إلى أبعد من ذلك فأنشأ بشارة تقلا مجلة صغير سماها "حقيقة الأخبار" كان يجمع فيها ترجمة وافية للبرقيات التي تتلقاها دار الأهرام عن الحرب الروسية التركية، ولا تستطيع استيعابها صحف الدار الأخرى، وكان ربح المجلة يذهب قسمة عادلة بين دار الأهرام ومساعدة الجنود العثمانيين3.

ويبدو أن الجهات الرسمية في مصر لم تحاول من ناحيتها عرقلة هذه النهضة الصحفية فغضت الطرف عما نشر من آراء أو أذيع من أخبار تمس الدولة العلية وإخفاقها في تلك الحرب؛ وذلك لأن الحرب الروسية التركية تتصل بمصر من حيث التزاماتها أمام السلطان، فقد طلبت الحكومة التركية مساهمة مصر في هذه الحرب، وقد ذكر الخديوي في مقالته الخديوية لمجلس شورى النواب في 30 أبريل سنة 1878، أنه على استعداد لتقديم الجنود ومساعدة السلطان بيد أنه عقب على ذلك في براعة بأن هذه المساعدة معلقة بحال الميزانية ومرتبطة أيضًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015