عليها واحتفاءه بها، وقد كان له أبلغ الأثر في نهضتها، ومساعداته الأدبية والمادية للقائمين عليها غير منكورة، وقد فتح صدره وصدر بلاده للصحفيين الشاميين بعد أن جربت الصحافة المصرية بجهد المصريين وأقلامهم، فأقبل هؤلاء على اصطناع القلم واتخذوا الصحافة حرفة لهم حتى كان أكثر أصحاب الصحف من أهل الشام والبلاد المجاورة لها1 كصابونجي والنحلة، وحموي وشعاع الكوكب، وتقلا والأهرام.
وكان لبعض هذه الصحف مواقف كريمة أخذت فيها جانب الخديوي ودافعت عن استقلال مصر، فقد بدأت العلاقات بينه وبين السلطان حين استوزر نوبار باشا وكلفه الدفاع عن وجهة نظر مصر في بعض المسائل المصرية في أوربا فاتصل نوبار بالحكومة الأوربية وتحدث معها في أمر إنشاء المحاكم المختلطة فأذاعت السفارة العثمانية في صحف فرنسا أنها تحذر المسئولين وعامة الناس من معاملة شخص يسمى نوبار باشا ويدعي لنفسه لقب وزير الخارجية المصري؛ لأن مصر كلها ليس لها صفة دولية ولا حق لها في تعاقد دولي، فكان أن ردت الصحف المصرية على السفارة التركية وأخذت تناقشها الرأي وتؤكد حق مصر في مصالحها الخاصة؛ لأن مصر لا يمكن أن تنزل إلى مكان الولايات العثمانية الأخرى وقد سبق لها أن أمضت عقد قنال السويس دون تدخل تركيا أو وصايتها2.
ولما كانت الصحافة الشعبية في نشأتها الأولى يقوم على تحريرها جماعة من الشاميين، وهي حقيقة تاريخية لا ينكرها أحد، لذلك وجب علينا أن نبحث -قبل التأريخ لهذه الصحافة- إلى أي مدى بلغت هذه الحقيقة التاريخية من التقدير والاعتبار؟ فلويس شيخو يقرر: "أنه كان للسوريين في هذه الحركة نصيب عظيم حتى كان أكثر تلك المنشورات ومنشئيها من أهل سورية وزاد