وأفكارها سليمة، وساعدها الخديو إسماعيل؛ لأنها كانت تخدم أفكاره بإخلاص واعتدال دون أن تتعرض للمسائل الدينية"1.

فالفكرة إذن في إنشاء هذه الصحيفة هي خدمة الخديوي بإخلاص وتحقيق سياسته في اعتدال، وما كان يمكن أن تمثل جريدة "وادي النيل" الصحافة الشعبية في غير هذا الحيز الضيق من الحرية؛ ذلك لأن صاحبها موظف في الحكومة له مآثر وخدمات في الصحافة الرسمية، وهو من تلامذة رفاعة رافع رأس هذه الصحافة2 فلا غرو إن أوحى إليه إسماعيل بإصدار وادي النيل، فذكرت الوقائع المصرية خبر إنشائها في محلياتها3، وحيتها إحدى الصحف الفرنسية المعاصرة في مدينة الإسكندرية قائلة: "قد حدثت صحيفة مصرية جديدة بمدينة القاهرة تسمى وادي النيل، وقد أوضح منشئها وناظرها أبو السعود أفندي فيما أورده من بيان الغرض المقصود بإنشاءها أنه التزم بأن ينشر فيها الأخبار النافعة للديار المصرية سواء كانت ترد من أوربا أو من الأقاليم المصرية"4.

ويبدو من العددين النادرين اللذين حصلنا عليهما5 أن وادي النيل محاولة لا بأس بها كأول صحيفة وطنية في مصر، وقد ازدحمت معظم صفحاتها بأخبار الخديو ورجال حكومته، ولولا أنها أعلنت شعبيتها لظن متصفحها أنها صحيفة رسمية، فهي صورة للوقائع في تفكيرها واتجاهها، يعرف أسلوبها الأدبي رواية الخبر ويتعلق محررها بالسجع، فهي تحاكي الوقائع وتخطو على أثرها في الشكل والموضوع معًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015