الخديوي على أنها قرارات بل تقدم إليه على أنها رغبات له أن يفصل فيها بالرفض والقبول.
وهذا المجلس لا يستطيع بحكم لائحته أن يؤثر تأثيرًا فعليًّا في اتجاهات الحكومة والتزاماتها1؛ وذلك لأن حاكم مصر في ذلك الوقت وإن كان قد عمل على نهضة بلاده إلا أنه عاش فيما يختص بالحكم ونظمه بوحي من عصور الحكومات المطلقة، لذلك لم توحِ اللائحة ولا الوالي ولا نفسية الأعضاء بأن يجرؤ المجلس على فهم وظيفة النيابة كما هي الحال في أوربا، فبقي أداة طيعة لحاكم مصر لا يقوى على معارضته أو لعله لم يعرف بعد كيف يأخذ المعارضة.
ذكرنا هذه الإلمامة بشئون مصر العامة، ثم أشرنا إلى مجلس شورى النواب؛ لأنه حدث جديد غير معروف في مصر، هو شيء يتصل بأبهة الملك وتقليد أوربا فكان غريبًا حتى على عقول أعضائه "أولئك العمد الذين يأتون في بلادهم ويختمون على لوائح لا يعرفون ما فيها بل ولم يعرفوا ما عزى إليهم من الأقوال"2. وإذا كان المفروض أن يكون في مصر مجلس للشورى يجتمع وينفض على هذا النحو فإن الصحافة الرسمية لا يجوز أن تكون معبرًا عن هذا المجلس الشعبي، ومن هنا بدأ إسماعيل يرى وجوب إنشاء صحيفة شعبية تمثل المجلس أو اتجاه هذا المجلس أو تساير الفكرة في وجود هذا المجلس فأوحى إلى أبي السعود أفندي بأن يصدر جريدة "وادي النيل".
قد يظن بعض المؤرخين أن جريدة وادي النيل صحيفة شعبية بالمعنى المفهوم ففيليب دي طرازي يذكر في كتابه أنها "مجلة سياسية علمية أدبية أنشأها سنة 1866 عبد الله أبو السعود ناظر المدرسة الكلية التي أسسها محمد على الكبير في القاهرة وهي أول صحيفة عربية تناولت مثل المباحث التي كانت تنشرها في القطر المصري وصدرت مرتين في الأسبوع، وعباراتها صحيحة