إلى ساحات المحاكم وثبت عليها خروجها على القانون والحدود المرسومة له، وما ذلك كله إلا مبالغة في حماية حرية الصحافة وعصمة لحرية الفكر من نزوات البطش والطغيان.
وقد صاحب صدور الدستور مشروع قانون المطبوعات الذي ظل مشروعًا من سنة 1923 إلى سنة 1931 وقضى هذا المشروع بأن يكون صدور الصحيفة خاضعًا لمبدأ الإخطار، وكان هذا الإخطار مقيدًا بفترة ثلاثين يومًا إذا انتهت دون معارضة من الحكومة ملك صاحب الإخطار إصدار الصحيفة دون إذن بذلك، وإذا عارضت الحكومة في صدور الصحيفة خلال الثلاثين يومًا التالية ليوم تقديم الإخطار رجع صاحب الإخطار إلى المحاكم يقاضي الحكومة ولو بالتعويض على الأقل، وفرض هذا المشروع شروطًا في رئيس التحرير ورؤساء أقسام التحرير في الصحافة العربية تتصل بكفايتهم العلمية وتجاربهم الصحفية وسنهم وألا تكون قد صدرت ضدهم أحكام مخلة بالشرف أو بالإفلاس أو بالفصل الإداري من وظيفة عامة أو الشطب من جداول المهن الحرة كما نص مشروع القانون على ضمانة مالية للجرائد اليومية تختلف بعض الشيء عن المجلات.
وبقي هذا المشروع معطلًا حتى جاء دستور 23 أكتوبر سنة 1930 فأثبت من جديد نص المادة الخامسة عشرة في دستور سنة 1923 بحذافيرها وما انطوت عليه من التذييل المعيب الذي أسلفنا ذكره، غير أنه لما كان روح الدستور يرمي إلى الضغط على الحريات العامة التي تقررت في دستور 1932 فقد لجأت الحكومة -برغم احتفاظ الدستور الجديد بنفس النص- إلى تعديل نصوص الباب الرابع عشر في قانون العقوبات الصادر في سنة 1904 وهو الباب الذي تناول العقاب على الجنح التي تقع بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر، وكذلك الباب السابع من الكتاب الثالث من القانون المذكور بشأن القذف والسب، وصدر بهذا التعديل مرسوم بقانون في 18 يونيه 1931 وقد عدل المشرع نصوص المواد من "148" إلى "168" كما أضاف إليها