وكان بجانب "السياسة" في الشق المعارض من المحاظين الشيخ رشيد رضا ومناره، فقد نجح "المنار" في شمال إفريقية وذاع أمره وانتشر في تلك الجهات انتشارًا مكن للفكرة الإسلامية، وقد دأب "المنار" على نشر الفتاوى الإسلامية التي جاءته من جزء الهند الهولندية الشرقية وأعماق إفريقية وهذا مصدر من مصادر النفوذ الأدبي المصري لم يحسه المصريون في مصر ولم يقدروه حق قدره، وبذلك لم يستطع المصلحون من الأحرار أن يحتكروا وحدة العلاقات الخارجية بل ساهم المحافظون فيها من أمثال رشيد رضا وأحمد زكي باشا.
والصحافة المصرية في تلك الأيام كانت تتميز بفضل لا شك فيه، فقد لعبت دورًا عظيمًا في إحياء الأدب العربي في الصحف اليومية والصحف الأسبوعية والشهرية، فقد حفلت هذه الدوريات بخير ما أنتج شعراء وأدباء مصر من شعر ونثر وفتحت صدرها للبحوث العلمية والأدبية ونوعت في هذه النواحي الثقافية فأشاعت القصة فيها، وأخذت عن الصحف والكتب والمجلات الغربية خير ما فيها، وهيأت بذلك للأدب العربي فرصة احتمال ما لم يكن يحتمله من المعاني الجديدة، وبرهنت على أن اللغة العربية قادرة على أداء وظيفتها بين اللغات الحية.
وللصحافة المصرية المعاصرة فضل غير منكور في تطور الصحافة في البلاد العربية المختلفة إذ اتخذتها مثلًا لها وحاولت السير على أثرها كما نقلت عنها أهم المقالات في السياسة والأدب والاجتماع، وقد احتضنت الصحافة المصرية كثيرًا من الشخصيات الموهوبة حقًّا التي أفادت في تنوير الرأي العام وتقويم آرائه، والصحافة المعاصرة هي التي أظهرت مصر بمظهر البلد الذي لا يقنع بأن يكون قلب العالم العربي بمركزه الجغرافي وحده بل إنه قلبه بالفكر، وبالاهتمام الدائم بكل جديد على الرغم من الأزمات المختلفة في حياته السياسية والاقتصادية.
ويجب أن نختص القاهرة بفضلها الصحفي قبيل الثورة، فهي أكثر