المدن المصرية احتفاء بالصحافة والصحفيين، وتجاوزت جرائدها مائتي جريدة عربية وأكثر من ستين صحيفة فرنجية على حين لم تبلغ صحافة الأقاليم تسعين صحيفة من بينها صحف المواني المصرية وهي قليلة إذ قيس عددها الضئيل بعدد السكان الكبير، وهذا مما يثبت قدرة القاهرة على تغذية البلاد من الناحية العقلية.

وإذا أردنا أن نعطي صورة لأنواع الصحافة المصرية المعاصرة فيجب أن نذكرها في ألوانها التي تخصصت لها، فنجد في صحف مصر كما هي الحال في جميع صحف العالم، جرائد يومية كبيرة للأخبار تظهر في الصباح والمساء، وعلى رأس هذه الصحف جريدة "الأهرام" لتاريخها القديم وتنظيمها الرائع وشهرتها في مصر وخارجها، ثم نجد بجانب "الأهرام" أو "المقطم" صحفًا تطبع لمصلحة حزب أو أحزاب مختلف وذلك لإقناع الرأي العام برأي هذه الأحزاب، وهي أحيانًا واسعة الانتشار لها أثرها في المدن والريف.

وهناك صحافة أسبوعية أو نصف شهرية ليست لها صبغة سياسية خاصة أو ثقافية خاصة، وهذه الصحف رائجة السوق مقروءة في معظم البيئات؛ لأنها تعني بالأزياء والسينما والروايات البوليسية والراديو والألعاب الرياضية وغير ذلك من النواحي التي تلذ للجمهور المصري مطالعتها، ويتجه بعض هذه الصحف إلى الشباب والبعض الآخر إلى العالم النسائي كمجلة "بنت النيل"، وهذا النوع من الصحافة المصرية لا يصدر إلا باللغة العربية وله نشاطه المعروف ولا يقل شأنًا عن الصحافة الأوربية في هذا الباب.

وإذا أغفلنا الجرائد ذات الطابع المحلي الخاص نصل إلى طائفة ليست خاصة بمصر وحدها ونعني بها المجلات الأدبية والعلمية الكبرى مثل الهلال والمتقطف والرسالة والثقافة وغيرها، ولا شك أن سهمها أعظم بكثير من سهم زميلاتها في أوربا، ويرجع ذلك إلى الأثر الملحوظ لها في النهضة الأدبية والفكرية، كما تتميز بالتنظيم الرائع في حياتها الصحفية، وتعتبر "الهلال" مثلًا طيبًا لهذا التنظيم فالهلال عبارة عن أسرة كبيرة منظمة تضم دورًا ثلاثًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015