بالتقدير والإعجاب، فإن الحكومة المصرية ومن ورائها رجال الاحتلال لا يرون فيها هذا الرأي وهي تؤرق حياتهم بما تنشره من مقالات وأحاديث، لذلك قررت الحكومة تعطيلها شهرًا "لأنها نشرت جملة مواد سياسية من شأنها خدش سلطة واعتبار الحكومة الخديوية"1 ولأسباب التعطيل نواحٍ خفية لم يتضمنها بالطبع أمر الإغلاق وأهمها رسالة مديرها من لندن المنشورة في 11 أغسطس عام 1884 فقد عرض فيها بشارة إلى أحداث مصر، وغمز الحكومة المصرية يعتبر جارحًا في تلك الأيام2 وفي ذلك تقول "العروة الوثقى" إن أسباب غلقها "نشر رسائل مدير الجريدة وهو في لندرا على ما فيها من بيان بعض مساوئ السياسة الإنجليزية على خلاف رغبة الباشا -تقصد نوبار باشا- وقيل: إن السبب نشر التشكر الذي قدم إلى المدير والمحرر من أعيان البلاد دلالة على استحسان مشرب الجريدة "استقباح سياسة الإنجليز"3.
ومهما تكن الأسباب الظاهرة والخفية فإن الأهرام عطلتها الحكومة شهرًا، وإذا لم يكن المصريون يملكون ما يحول دون تعطيلها فإن القنصلية الفرنسية أثارت ضجة خطيرة لهذا الموضوع، وتبدأ قصة هذا الكفاح ببرقية إلى الداخلية من أحد موظفيها ينبئها فيها بأنه "صار إعلان قرار بتعطيل جورنال الأهرام إلى سليم بك تقلا نفسه في صباح تاريخه الساعة 6 أفرنكي بعد توقيفه الكلي مع غلق المطبعة تعلقه والختم على بابها بختم المحافظة وتعيين اثنين بوليس غفرة على الباب المذكور، وبعد نهو ذلك حضر مندوب من قنصلاتو فرنسا وأمرنا بالخروج من محل مكتب الجورنال الذي كنا فيه لأجل تحرير المحضر فأوريناه أن مأموريتنا انتهت وانصرفنا".
ثم يبعث القنصل بكتاب إلى المحافظة يحتج على ذلك أشد الاحتجاج