في الإسكندرية يمدحون لها موقفها من مصالح مصر ويحفظون لها وفاءها لأمانيهم، وتقرن نشر هذا الكتاب بكتاب آخر من أقاليم مصر الأخرى وهو يضرب على نفس النغمة من تكريم الجريدة وأصحابها.
نالت الأهرام تقدير المصريين كما نالت بر الدولة العثمانية بها، أما فرنسا فأمر عطفها عليها معروف منذ عهد إسماعيل، وتجميل جريدة "الشعب" في تأريخها للصحافة الوطنية هذا كله في قولها عن الأهرام إن "سياستها عثمانية مصرية تدافع عن مصالح فرنسا في مصر سواء كان اقتصادية أو سياسية ولكنها لا تهمل المصلحة المصرية وهي تقر للحكومة الحسنة وتبين لها السوءة وهي أكثر الصحف المسيحية عناية بمصالح الوطنيين وأحيانًا تشتد في نقدها كأكثر الصحف الوطنية تطرفًا".
ويذكر بعض خصوم الأهرام اتصالها بفرنسا كعار لا يمكن أن تمحوه المواقف الوطنية المشرفة، وفي هذا من التجني ما لا يقبله المؤرخ العادل، فالأهرام بقيت في تاريخ مصر الحديث عشر سنوات تحمل لواء المعارضة وحدها وتحيي ميت الرجاء في نفوس المصريين، وهي التي نقلتهم من الذهول إلى يقظة مهدت للحزب الوطني وجوده، وليس يعيبها بحال أن تعجب بفرنسا أو تعمل لها مادامت "لا تهمل المصلحة الوطنية"1 ولا يضيرها هذا في التاريخ وبعض الأمم تعجب ببعضها وتعمل لها وتؤمن بمبادئها حتى لا تسلم أحيانًا من تعريض استقلالها ووجودها لخطر قريب أو بعيد، وتاريخ الأهرام في الأعوام التي تلت الاحتلال أفضل من تاريخ مجالس مصر النيابية وأعز عند المؤرخ منها، وإن مصر نفسها لم تختلف عن الأهرام في إيمانها بفرنسا وأملها فيها، وعند ذلك تتفق الأهرام ومصطفى كامل زعيم النهضة قبل الاتفاق الودي.
وإذا كان حظ الأهرام عند المصريين والسلطان والفرنسيين حظًّا موسومًا