ويوضح له أن عمل الحكومة كله عمل غير قانوني من جميع الوجوه وفي من الظلم ما لا يحتمله، وهو اعتداء على كرامة القنصلية الفرنسية لا يقبل معه اعتذارًا كتابيًّا أو شفهيًّا قبل أن تفتح مطبعة تقلا بحضور ممثل القنصلية، ثم يهدد المحافظ بأنه سيكتب للقنصل العام في القاهرة ليطلب الاعتذار الرسمي على إهانة السيادة القنصلية التي صدرت عن السلطات المحلية وعلى رأسها محافظ الثغر، وأرسل القنصل كتابًا مماثلًا لوزير الداخلية وإن صيغت عبارته في ألفاظ رقيقة.
ويبعث محافظ الإسكندرية ببرقية إلى ناظر الداخلية ينبئه فيها بمضمون كتاب القنصل، وأهم ما فيه احتفاظه بحقوق صاحب الأهرام وطلبه رفع الأختام في غضون نصف ساعة، بيد أن الوزير أمر المحافظ بتنفيذ التعليمات على ضوء ما أرسل إليه من رئيس النظارة، ويبدو أن القنصلية الفرنسية عجزت عن أن تحول دون تعطيل الأهرام فأوعزت إلى صاحبه بإقامة الدعوى على الحكومة أمام المحكمة المختلطة في 27 أغسطس عام "1884"1 غير أن هذا الموضوع لم يقض فيه.
هذه هي إحدى الحوادث التي أنكر اللورد كرومر وجودها حين تحدث عن الصحافة المصرية في سنة 1903 وهي أبرز حوادث الصحافة الوطنية إذ ذاك؛ لأن الأهرام2 كانت تمثل في مصر المعارضة وتمثل مع غيرها المصالح الفرنسية، وتعبر من ناحية أخرى عن سخط الباب العالي على الحالة في القطر.