المماليك البحرية والبرجية "الشراكسة" وقد ظهر فيها كثير من العلماء الأدباء والمؤرخين كالقلقشندي وابن هشام، وابن خلكان وابن تغري بردي وغيرهم من فطاحل العلم والتاريخ، وقد اتصلت مصر في عصورها الوسطى بممالك البحر المتوسط وجنوب أوربا وجمهورياته المهمة للمتاجرة معها، وكان معها واسطة العقد بين الشرق والغرب، وكان يرجى لها التوفيق إلى كل جايد تعرفه أوربا في ذلك الوقت.

وكانت جمهورية البندقية وغيرها من البلاد الأوربية لاستقبال النهضة الحديثة، وفي هذه الفترة عرفت الطباعة في مدن إيطاليا والمدن الحرة الآخرة وكان الأمل واسعًا في أن يستفيد أعظم عملاء أوربا من هذا الحديث الجديد لو استمر الاتصال قائمًا وعرف المصريون قدره، غير أن مركز مصر قد تدهور بعد كشف رأس الرجاء وسلوك التجارة سبيلها عن طريقه، فانقطعت الصلة بين مصر وعملائها إلى حد بعيد، وأقفلت الأبواب دون الإحساس بخطر المطبعة زهاء ثلاثة قرون كان مصر قد بلغت فيها التقهقر والاضطراب مبلغًا تقوضت فيه دعائم الحياة السياسية والاقتصادية، وانطفأت الذبالة الباقية من حضارة الأمس، وشغلت بنزوات حكامها وقاست من جهلهم وعسفهم ما قاست حتى انقطع ما بينها وبين كل جديد من أسباب، وأهمل شأن المدارس والتعليم وبيعت الكتب وانتهبت، وتخربت دور الفن وعماراته، وكانت مصر آخر من عرف المطبعة بين دويلات السلطنة المهمة".

وإلى أوربا يرجع الفضل في صناعة الحروف الشرقية والعربية، عنوا في أول الأمر باللغة العبرية وحروفها لأنها لغة الإنجيل والتوراة، وقاموا بنشرهما في إيطاليا، ثم مضوا ينشرون كتبًا دينية مختلفة، ثم اتجهوا إلى العلم فنشروا باللغة العربية بعض كتبه، وفي مستهل القرن السابع عشر احتدمت المنافسة بين روما وباريس وليدن ولندن على طبع الكتب العبرية والعربية، وأحس الشرق هذه المنافسة فجلب إليه الطباعة من الغرب ليقوم هو أو يساهم على الأقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015