عبارة رقيقة أن تفصل في هذه المعركة وتقضي على هذا الخصام؛ بيد أن المفيد تتهمها بإيثار فرنسا على تونس يوم امتحن هذا البلد الشقيق بقسوة الفرنسيين وجبروتهم، ثم تأبى عليهم صفة الوطنية التي تدعيها لنفسها، فهي قد ولدت تسبح بحمد الخديوي توفيق سنة 1880 وكانت صديقة لرياض باشا في وقت كان إرهاب الصحافة ديدن الحكومة وغايتها وفي ذلك من النفاق ما لا تقبله صحيفة وطنية العقيدة حرة الفكرة.

وقد رد سليم نقاش على "المفيد" ردًّا هادئًا استغرق زهاء صفحتين ونصف صفحة من صفحات المحروسة الأربع، عرض فيه موقف صحيفته وبين فيه مواضع التجني عليها، فإنها وحدها "تجرأت أيام الاستبداد المحض ونادت بالحكومة الشورية، ووحدها بين الجرائد العربية في ذلك الحين أخذت تناصر الحزب الوطني، وهي وحدها أيضًا عارضت النفوذ الأجنبي عند خوف الإفراط فيه وهي أول جريدة صرحت بسوء إدارة بعض المصالح الأجنبية، وهي وحدها تحملت غضب المسيو دوبلينيار وتحامله عليها وقد حرمت لذلك من فوائد جمة حبًّا منها بالوطن وأهله، وكما وقفت وكم أنذرت وكم عطلت وكم حذرت .. " وإن لم تنكر إعجابها بفرنسا ومثلها العليا في الحياة1.

وتمضى "المفيد" في حملتها على الشاميين وصحافتهم وتنقل عنها الصحف الناشئة في أحضان الثورة حتى شغل هذا الموضوع حياة المصريين جميعًا، وحتى اتهمت الصحافة الشامية في مصر والشام الحكومة المصرية بأن تلك الحملة من صنعها، وأنها تدفع صاحب "المفيد" وزملاءه إلى هذه الأزمة، واضطرت الحكومة إلى تكذيب هذه التهمة وإعلان هذا التكذيب في صحيفتها الرسمية مؤكدة أنها لا تنظر إلى موظفيها إلا من حيث كفايتهم وجدارتهم2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015