ولم يكن "المفيد" موفقًا في هذه الحملة التي جاءت في وقت اشتدت فيه الخصومة بين الخديوي ووزرائه، فاضطر كثيرون من الشاميين أصحاب الصحف وأصحاب الأعمال إلى الهجرة من مصر، وساء ذلك صحيفة "الطائف" لسان حال العرابيين الرسمي فكتبت مقالًا بعنوان "المصريون والشاميون" تندد فيه بمن خلق هذه الأزمة وتسمى مهاجرة الشاميين إلى بلادهم نزوحًا سيعودون بعده "بالسلامة ليعود للمصريين الأنس بإخوانهم والفرح بسلامة بني جنسهم الذي يعز عليهم أن يروهم في روع أو اضطراب أفكار"1 غير أن حملة "المفيد" كان قد أثرت في بعض أصحاب الصحف الشامية في مصر، فاضطر صاحب الأهرام إلى الهجرة، ولم يعجب "الطائف" أن يمعن "بنو جنسها" في أمر لا يدعو إليه داع، وهو ترى هجرة صاحب الأهرام عملًا لا مبرر له وتذكر ذلك معاتبة "اختفت جريدة "الأحوال"2 لتغيب صاحبها فرارًا مما توهمه كثير من المهاجرين"3.
لم تعد الثورة تحتمل صحفًا معارضة فكانت أشد استبدادًا من حكومة رياض، فقد اضطر أديب إسحاق وهو موظف في الحكومة المصرية ومن خيرة الشاميين الذين لهم في الصحافة أثر غير منكور، اضطر إلى الانسحاب من جريدة "مصر" والتخلف عن ميدانها بعد حملة المفيد وزميلاته4 وفي شهر مارس سنة 1882 أعلنت جريدة "البرهان" وهي نصيرة الخديوي توفيق أنها عزلت الشيخ حمزة فتح الله من تحريرها5 وذلك لتحتفظ بوجودها ولا تتعرض لبطش الثورة وحكومتها، ومن الصحف التي لقيت حتفها في ذلك الوقت جريدة "الزمان" وذكرت المطبوعات أنها ارتكبت ما يخالف