المراقبة الثنائية، وكل منهما تتقاضى ألف جنيه في السنة، وكانت وكالة روتر لا ترسل برقياتها إلى لندن إلا بعد إجازتها من القنصلية أو الرقيب الإنجليزي.
وقد أضر هذا الأسلوب الصحفي بالقضية المصرية في الخارج إذ وضعت -كما رأينا- الأنباء الصحفية تحت مراقبة الوكالات السياسية أو ما يشابهها، فقد كان لموظفي فرنسا وإنجلترا في مصر "السيطرة التامة على الأخبار التي يجوز أو لا يجوز إرسالها إلى لندن، وكان أجر هؤلاء المراسلين إما مالًا أو معلومات سرية لها خطرها في الفن الصحفي1 وقد اشتركت الصحف في الخارج ووكالات الأنباء في مصر والصحافة الأجنبية المصرية وممثلو الدولتين، اشترك كل أولئك في قطع الطريق على الهدوء الذي حققته حكومة شريف باشا وآزرتها بعض الأحداث الداخلية كمؤامرة الضباط الشراكسة2 وقصة الحكم عليهم3 وتطرف الصحافة المصرية، فاستقالت الوزارة الشريفية، وانتقلت مقاليد الأمور إلى الحزب العسكري وأنصاره.
وكانت الصحف قبل الحكومة البارودية الجديدة تشغل حديثها كله بشئون مصر العامة، وكانت لسانًا طيبًا للحركات الحرة ومدافعًا عظيمًا أمام الصحف الأجنبية في مصر أو في الخارج، غير أن هذا الاتجاه المحمود صحبه لون من التحزب للجنس والوطن وكان له أبعد الأثر في انحراف الصحافة الوطنية وتنكبها مثلها الرفيعة واشتباكها في معركة وزعت جهودها وفرقت شملها.
وكانت الصحف الوطنية المتطرفة تحمل على بعض المتمصرين من الصحفيين ولم تتعد الحملة في أول الأمر بعض هؤلاء الأفراد غير أنها مضت تتحدت عن المصريين والشاميين في دوائر الحكومة والصحافة وخاصة الدوائر الصحفية فقد كان معظم الصحفيين الشاميين في مقدمة العناصر الحرة يلتهبون حماسة