وقد اضطرت الوزارة في آخر الأمر إلى الاستقالة بعد أن رفض النواب وجهة نظرها، فقد كانت ترى وجوب عمل الميزانية بموافقة المراقبين الإنجليزي والفرنسي ورقابتهما، والنواب لا يرون هذا الرأي ولا يقرون هذا التدخل، وقد علقت "المحروسة" على الموقف برمته بأن الخديوي والنواب وعامة الناس قد اعترفوا بالدين وفوائده فليس من العدل حرمان المجلس التشريعي من أهم اختصاصاته وهي إقرار الميزانية ما دام أمر الدين فيها لن يمس1، ولكن صحف القنصليتين الفرنجيات حملت على الوطنيين وخاصة "الإجبشيان جازيت (صلى الله عليه وسلمgyptian Gazette) حملة عنيفة تولت الصحافة الشعبية الرد عليها دون الحكومة التي شغلت بالأزمة عن كل شيء، وناقشتها وبينت مواضع الجور في عمل الدولتين وظلمهما لمصر، هذا البلد الذي يكرم الأجانب وهم يسيئون إليه، ثم عاتبت في عنف الصحف الأجنبية وعلى رأسها "الإجبشيان جازيت" التي تكيد للوطنيين وتزعم تعصبهم للدين وحملتهم على المسيحين، ونفت هذه السوءات عنهم، وأكدت بعدهم عن التعصب في أمور الدنيا أو شئون الدين2.

ثم ساهمت الصحف الأوربية في لندن وفي باريس في هذه الحملة على المصريين ومجلس نوابهم وحكومتهم فيما خلا محرر التيمس فكان رجلًا واسع الفكر ملمًا باللغات العربية وآدابها، وكان معتدل الرأي في المسائل المصرية فلم يرها كغيره من الصحفيين لا تعني غير بورصة لندن، وكثيرًا ما فتح صدر التيمس لآراء الوطنيين المصريين، غير أن هذا العطف من مستر شنري بالتيمس على الأماني المصرية لم يستمر؛ لأن مراسل هذه الجريدة وغيره من مراسلي صحف أوربا في مصر كان يستمدون أخبارهم المهمة من السير أوكلند كلفن المراقب البريطاني، وكانت وكالتا رويتر وهافاس خاضعتين لنفوذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015