عن مصر وحقوقها منذ نهاية عهد إسماعيل، غير أن الوفاق بينها وبين الوطنيين من ناحية وبين الخديوي توفيق من ناحية أخرى لم يطل أمره، ذلك لأن الخديوي قد أصبح مدينًا بكيانه الرسمي إلى انجلترا وفرنسا، فهو حريص على ودهما موات لقنصليهما في مصر، والقنصلان في خصومة مع الوزارة الشريفية، فلا غرو إن أبى الإصلاحات الدستورية التي رآها شريف باشا، واضطر ناظر النظار إلى الاستقالة1.

تولى الخديوي رياسة الحكومة بنفسه وألغى مجلس النظار وأعاد الرقابة الثنائية في 6 ديسمبر عام 1879 2 ثم رأى أن يقيد حركة الفكر فبدأ بطرد الأفغاني من مصر -وكان صديقين من قبل- ولكن الطرد جاء بإيعاز من قنصل إنجلترا3 ثم ألزمت الصحف جميعًا نشر خبر نفيه وادعت الحكومة "أن هناك جمعية سرية من الشبان ذوي البطش مجمعة على فساد الدين والدنيا المضر بالبرية ورئيسها شخص يدعو بجمال الدين الأفغاني؛ ثم ذكرت له أقبح الأوصاف "فأبعدت ذلك الشخص المفسد من الديار المصرية بأمر ديوان الداخلية ووجهته من طريق السويس إلى الأقطار الحجازية لإزالة هذا الفساد من البلاد"4.

ولم يحتج أحد على نفي الأفغاني هو زعيم له مقامه المقدور عند خاصة مصر ومفكريها، وكان حظه من إهمال الخاصة كحظ شريف باشا الذي استقال من أجل الدستور والحريات العامة فلم يثر من أجله أحد، وقد نشرت الصحف جميعًا أمر الداخلية بنفي الأفغاني إلا واحدة5 هي مرآة الشرق وهي دون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015