وفي هذه الأوقات من تاريخ مصر العصيب يقف الصحفيون أقلامهم لتأكيد حقوقها كما رأينا ويشدون أزر الوطنيين المتطرفين سواء في المسائل الدستورية الداخلية أو المسائل المالية والخارجية، وتشرع صحيفتا الأهرام والوقت في معارضتهما القديمة للوزارة الشريفية، وترى حكومة شريف في آخر الأمر أن تقضي عليهما فتأمر بإغلاقهما، ولكن بعض القناصل يتوسط في أمرهما كما تقول "التجارة" ثم تعلق على خبر التعطيل والوساطة في أمرهما، بأنه موقف موجب للأسف؛ لأن صدور الأمر بإغلاق الجريدتين ليس عملًا قانونيًّا، ثم إن سرعة نقض الحكم وحل العقد ونهي الأمر على هذه الصورة غريب حقًّا.

ومجمل القول: إن وفاقًا عميقًا قد حدث بين الخديو الجديد وحكومته والصحافة المتطرفة، وكانت الصحف من ناحيتها أكثر حماية لهذا الوفاق إذ تصف الخديوي بالقداسة وحكومته وأنصارها بالوطنية ثم هي تنزه ولي الأمر عن الجنسية التركية وتعتبر ذلك شيئًا يمسه في كرامته، وهو اتجاه جديد لم نشهده في الصحافة إذا تحدثت عن الأمراء والخديويين.

وقد كان حظ الجرائد الفرنجية في مصر من هذه الحملات الصحفية الشديدة ملحوظًا، فلم تَفُتْ الصحافة الوطنية المتطرفة لجريدة أجنبية فرصة التشهير بالإدارة المصرية بل ردتها وعالجت أمرها بعنف وقوة نادرين1 كما أبرزت شهادة الصحف الأجنبية المعتدلة في الوطنيين المصريين كجريدة لاريفورم La Reforme المعروفة بانحرافها عن الحزب الوطني وتحمد لها شهادتها الطبية وتقارن بينها وبين زميلاتها الأجنبيات، فرنجيات وعربيات2.

على هذا النهج واصلت الصحافة كفاحها دون تراخ في الدفاع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015