الصحف جميعًا قد خلت من خبر النفي، وهي الصحيفة التي ذكرت الرجل أحسن الذكر وأشارت إليه صراحة وضمنا، فأمر بتعطيلها خمسة أشهر "لأنها اعتادت الدخول فيما لا يعنيها ونشرت مطالعات سخيفة مخترعة من تلقاء نفسها خرجت فيها عن حدود وظائفها"1 وهي الصحيفة الوحيدة التي عطلت عقب نفي الأفغاني وإن أنذرت معها جريدة التجارة.
لم تطل رياسة الخديوي لمجلس النظار إذ عهد بالنظارة إلى رياض باشا في 21 سبتمبر "1879"2 وكان رياض يرى الحكم البيروقراطي أحسن أداة لإنقاذ مصر في ذلك الوقت، وخصومته للتطرف في الرأي معروفة، ومن عيوبه الظاهرة أنه كان أكثر حكام مصر طاعة للقناصل، وهي طاعة جشمته المصاعب والأخطار3 وإلى رياض ينسب عهد إرهاب الصحافة، ويتصل هذا الإرهاب بنظام الرقابة الثنائية وهو نظام يجعل للرقيبين من السلطان على شئون الدولة ما يشل سلطة النظارة في جميع المرافق العامة غير الشئون المالية التي تخصص لها، ويكفي ألا يكون للخديوي حق عزلهما إلا بموافقة دولتيهما لنتبين خطر الرقيبين في حياة مصر جميعًا4.
وقد ساء الصحافة المصرية أن يخنع الخديوي ورياض باشا هذا الخنوع المشين -في رأيها- لدولتي انجلترا وفرنسا، وكان جريدة "مصر الفتاة" أول الصحف التي استهدفت للإرهاب وراحت ضحيته وهي لسان حزب بدأ يولد وحكم إسماعيل في الرمق الأخير، وهو يتكون من بعض اليهود كما يقول الشيخ محمد عبده5 بيد أنه كان من العناصر المعارضة التي احتفت بها جريدة "مرآة الشرق" وآمنت بمبادئها الجديدة ودعت لها بالتوفيق يوم