أرأيت لو كنت في سجن وابنك، فأفرج عن ابنك قبلك، أما كنت تفرح؟ قال: بلى! قال: فإن ابنك، خرج من سجن الدنيا قبلك، قال فسري عن الرجل، وقال تعزيت.
رواه الحافظ ابن عساكر.
وقال مالك: إنه بلغه «عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما يزال المؤمن يصاب في ولده وخاصته، حتى يلقى الله وليست عليه خطيئة» .
وقد تقدم ما رواه الإمام أحمد، والترمذي، من حديث أبي موسى الأشعري.
والمقصود أن من سمع بهذا الحديث وكان قد أصيب بمصيبة حصل له تسلية.
ومن التأسي بمن أصيب في نفسه، فصبر، وعزى نفسه، وتكلم بما حفظ عنه: لما حضرت معاوية الوفاة قال: أقعدوني، فأقعدوه، فجعل يذكر الله ويسبحه، ثم قال: الآن تذكر ربك يا معاوية، بعد الانحطام والانهزام؟ ألا كان ذلك وغصن الشباب ريان؟ ! وبكى حتى علا بكاؤه، ثم قال منشداً:
هو الموت لا منجا من الموت، والذي ...
أحاذر بعد الموت، أدهى وأفظع
ثم قال اللهم يا رب ارحم الشيخ العاصي والقلب القاسي، اللهم أقل العثرة واغفر الزلة وجد بحلمك، على من لا يرجو غيرك، ولا يثق بأحد سواك، ثم قال لابنه: يا بني، إذا وافاني أجلي، فاعمد إلى المنديل الذي في الخزانة، فإن فيها ثوباً من أثواب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقراضة من شعره وأظفاره، فاجعل الثوب مما يلي جسدي، واجعل أكفاني فوقه، واجعل القراضة في فمي وأنفي وعيني، فإن نفعني شيء فهذا، فإذا وضعتموني في قبري، فخلوا معاوية وأرحم الراحمين.
ولما حضرت أبا هريرة ـ رضي الله عنه ـ الوفاة بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: يبكيني بعد السفر، وقلة الزاد، وضعف اليقين، والعقبة الكؤود التي المهبط منها إما إلى الجنة وإما إلى النار.
ولما حضرت عمر بن عبد العزيز الوفاة قال: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: اللهم أنا الذي أمرتني فقصرت، ونهيتني فعصيت،