تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين} الآية هذا مع القطع بأن أرواحهم قد فارقت أجسادهم وذاقت الموت.
قال العلامة ابن القيم: والصواب أن يقال: موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها، وخروجها منها، فإن أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت، وإن أريد أنها تعدم وتضمحل وتصير عدماً محضاً، فهي لا تموت، بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو عذاب، كما صرح به في النصوص، حتى يردها الله في أجسادها، ثم ساق بعد ذلك النصوص الواردة في هذا المحل، انتهى كلامه.
وهل عذاب القبر على الروح والبدن؟ أو على الروح دون البدن؟ أو على البدن دون الروح وهل يشارك البدن النفس في النعيم والعذاب، أم لا؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ بعد أن سئل عن هذه المسألة فأجاب ـ: بل العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعاً باتفاق أهل السنة والجماعة، تنعم النفس وتعذب منفردة، وتنعم وتعذب متصلة بالبدن، والبدن متصل بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين، كما تكون الروح منفردة عن البدن، منعمة أو معذبة.
وهل يكون العذاب والنعيم للبدن بدون الروح؟ هذا فيه قولان مشهوران لأهل الحديث والسنة وأهل الكلام، وفي المسالة أقوال شاذة ليست من أقوال أهل السنة والحديث.
قول من يقول إن النعيم والعذاب لا يكون إلا على الروح، وأن البدن لا ينعم ولا يعذب، وهذا يقوله الفلاسفة المنكرون لمعاد الأبدان، وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين، ويقوله كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم الذين يقرون بمعاد الأبدان، ولكن يقولون: لا يكون ذلك في البرزخ، وإنما يكون عند القيام من