والثاني: إضافة أعيان منفصلة عنه، كبيت الله وناقة الله، ورسول الله، وروح الله، فهذه إضافة مخلوق إلى خالقه، ومصنوع إلى صانعه، لكنها إضافة تقتضي تخصيصاً وتشريفاً يتميز به المضاف إليه عن غيره، كبيت الله، وإن كانت البيوت كلها ملكاً لله، وكذلك ناقة الله، والنوق كلها ملكه وخلقه، ولكن هذه إضافة إلى إلاهيته تقتضي محبته لها وتشريفه، بخلاف الإضافة العامةإلى ربوبيته حيث تقتضي خلقه وإيجاده، هذا خلق الله، فالعامة تقتضي الخلق والإيجاد، والخاصة تقتضي الاختيار، والله يخلق ما يشاء ويختار، وإضافة الروح إليه من هذه الإضافة الخاصة لا من العامة، ولا من باب إضافة الصفات.
فتأمل هذا الموضع فإنه ينفعك من التخلص من البدع، فقد ضل فيه خلق كثير، نسأل الله العصمة.
فقد اضطربت مقالات الناس في هذا الباب، فقالت طائفة: تموت وتذوق الموت، لأنها نفس، وكل نفس ذائقة الموت.
قالوا: وقد دل القرآن عليه بقوله: {كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} وقوله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} و {كل نفس ذائقة الموت} .
قالوا: وإن كانت الملائكة تموت فالنفوس البشرية أولى بالموت.
وقال في حق أهل النار: {قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} فالموتة الأولى هذه المشهودة، فهي للبدن، والأخرى للروح.
وقال آخرون، لا تموت الأرواح، فإنها خلقت للبقاء، وإنما تموت الأبدان.
قالوا: وقد دل على هذا الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها، ولو ماتت الأرواح لانقطع عنها النعيم والعذاب، وقال