ولا أعلم أحداً ذهب إلى أن هذا النعيم المذكور، مختص بالذين قتلوا في أحد، والله أعلم.
وذهب ابن حزم وجماعات، إلى أن مستقر الأرواح، حيث كانت قبل خلق أجسادها، قال ابن حزم: وهذا الذي أخبر الله تعالى به ونبيه صلى الله عليه وسلم لا يتعداه، وهو البرهان الواضح، قال الله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا: بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} وقال تعالى: {ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} فصح أن الأرواح خلقها الله تعالى جملة، و «كذلك أخبر صلى الله عليه وسلم أن: الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» ، وأخذ الله وشهادتها له بالربوبية، وهي مخلوقة مصورة عاقلة، قبل أن يأمر الملائكة بالسجود لآدم، وقبل أن يدخلها في الأجساد، والأجساد يومئذ تراب وماء، ثم أخرها حيث شاء وهو البرزخ، ثم لا يزال يبعث منها الجملة بعد الجملة، فينفخها في الأجساد المتولدة من المني.
إلى أن قال ابن حزم: فصح أن الأرواح أجساد حاملة لأعراضها من التعارف والتناكر، وأنها عارفة مميزة، فإذا توفاها الله تعالى، رجعت إلى البرزخ الذي رآها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به، عند سماء الدنيا، أرواح أهل السعادة عن يمين آدم، وأرواح أهل الشقاوة عن يساره، وذلك عند منقطع العناصر، وتعجل أرواح الأنبياء والشهداء إلى الجنة.
ثم قال: وقد ذكر محمد بن نصر المروزي، عن اسحاق بن راهوية هذا الذي ذكرنا بعينه.
ثم قال: على هذا أجمع أهل العلم، انتهى كلامه.
وذكر الأدلة على ذلك، ولم يذكر خلافاً، وقد تقدم ذكر الخلاف على ذلك، وما ذكره أبو محمد بن حزم، فهو يبنى على الأصل، وهو أن الأرواح هل خلقت قبل الأجساد، أو الأجساد