وقد أشرنا إلى بعضه فيما تقدم، ولو ذكرنا كل قول، وحجج من نصره وذهب إليه، لطال الكتاب وخرج عن موضوعه، ولكن نذكر ما يسره الله تعالى من الأحاديث، فمنها ما ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود ـ كذا وقع في نسخ معتمد عليها، ووقع في بعض النسخ عبد الله فقط، فمن الحفاظ من يقول عبد الله بن عمرو، ومنهم من يقول ابن مسعود، والله أعلم بالصواب ـ «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الشهداء: أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوى إلى تلك القناديل» .
«وفي حديث قتادة لفظ غريب.
قال: أرواح المؤمنين في صورة طير بيض» .
قال القاضي عياض: في هذا الحديث ذكر أرواح الشهداء، وفي حديث مالك: إنما نسمة المؤمن، لم يذكر الشهداء، والنسمة تطلق على ذات الإنسان جسماً وروحاً، وتطلق على الروح مفردة، وهو المراد بها في هذا الحديث، والله أعلم.
وفي الحديث دلالة على أن المراد بها الروح قطعاً، فإنه قال: حتى يرجعه الله إلى جسده يوم القيامة، ولكن تارةً في هذا الحديث ذكر نسمة المؤمن، وفي اللفظ الآخر أرواح الشهداء.
وقد ورد في حديث ابن عمر، أن غير الشهداء إنما يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي، كما رود في النظر، في قوله تعالى في حق آل فرعون: {النار يعرضون عليها غدواً وعشياً} .
قال القاضي عياض أيضاً، في موضع آخر: وقيل: المراد جميع أرواح المؤمنين الذين يدخلون الجنة بغير عذاب، فيدخلونها الآن بدليل عموم الحديث.
كذا ذكره النووي في شرح مسلم.
وقد «ورد بلفظ آخر في صحيح مسلم، أرواح الشهداء في حواصل طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها» .
ليس فيه ذكر أجواف الطيور.
وهذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم عن الشهداء المؤمنين.
وذكر ابن منده بإسناده، «عن اسماعيل بن طلحة بن عبد الله، عن أبيه، قال: