ذلك حتى يحصل للمؤمنين اجتهاد وخوف من الله تعالى، ومراقبته في السر والعلانية، فينتج من ذلك مضاعفة الأجر العظيم، والثواب الجزيل، لأن ما ذكرناه هو من الإيمان بالغيب، ويعلم المؤمن أن أمامه أهوال وعقبات ـ نسأل الله السلامة ـ وما ذكرته، وإن كان من المغيبات، قد يطلع الله بعض خلقه على ما يشاء من عجائب قدرته، كما في الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن لا تدافنوا، لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع» .

وفي الصحيح أيضاً: «أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين وقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ...

» الحديث المشهور.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله ـ في كتاب الروح ـ: حدثني صاحبنا أبو عبد الله محمد بن الوزير الحراني، أنه خرج من داره بعد العصر بآمد من بستان، قال: فلما كان قبل غروب الشمس، توسطت القبور، فإذا بقبر منها وهو جمرة من نار مثل كور الزجاج، والميت في وسطه فجعلت أمسح عيني وأقول: أنا نائم أم يقظان؟ ! ثم التفت، فإذا سور المدينة، قلت: والله ما أنا نائم! ثم ذهبت إلى أهلي وأنا مدهوش فأتوني بطعام فلم أستطع أن آكل، ثم دخلت البلد، فسألت عن صاحب ذلك القبر، فقالوا رجل مكاس توفي، فإذا به توفي ذلك اليوم، انتهى ما ذكره.

وقد ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب القبور وكتاب المنامات من هذا النوع شيئاً كثيراً عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين، في الخير والشر، فمن رام المطالعة فليطلب ذلك من موضعه.

ومما ذكر مرفوعاً، «أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: مررت ببدر، فرأيت رجلاً يخرج من الأرض، فيضربه رجل بمقمع حتى يغيب في الأرض، ثم يخرج، فيفعل به ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك أبو جهل بن هشام يعذب إلى يوم القيامة» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015