وقد اشتغل بعض أهل زماننا، ممن أصيب بموت أقاربه، ببناء قبورهم وتبليطها وتجصيصها، وبناء التربة المحتوية على القبور وتحسينها وتزويقها ويزرعونها أنواع الرياحين، ويصعدون إليها في الغالب كل خميس بالأهل والأقارب وملاذ الأطعمة وأنواعها، ويظنون أن ذلك قربة وطاعة إلى الله عزو جل، وربما يقولون: في هذه الأمور تسلية لنا عن الموتى.
وما علموا أن هذه الأمور من البدع المكروهة المنهي عنها، وأن من البدع تعظيم القبور وتبليطها وتجصيصها، وبناء القباب عليها، كل هذا من البدع الذي كرهه السلف والعلماء، وهو مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد روى أبو داود والترمذي «من حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه» زاد الترمذي: وأن يكتب عليه وأن يوطأ.
وحسنه وصححه.
ولفظ أبو داود وأن يقعد عليه.
وقد بعث النبي علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أن لا يدع تمثالاً إلا طمسه، ولا قبراً مشرفاً إلا سواه.
وعن الهياج الأسدي، قال: قال لي علي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ اذهب، فلا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
رواه أبو داود والترمذي.
فالسنة تسوية هذه القبور المشرفة المحجرة المطينة المجصصة.
وكذلك، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب عليه، ونهى عن اتخاذها مساجد، وإيقاد السرج عليها، واشتد نهيه صلى الله عليه وسلم حتى لعن فاعل ذلك، ونهى عن الصلاة إلى القبور، حتى نهى أمته أن يتخذوا قبره مسجداً أو عيداً.