أجر ما أعطاه من تلك المصيبة» .
وقال ابن أبي الدنيا: حدثني أحمد بن عبد الأعلى، حدثني شيخ من آل ميمون بن مهران، أن الحجاج أصيب بابن له، فاشتد جزعه عليه، فدخل فغير ثيابه، ومس شيئاً من طيب، وجلس، وأذن للناس، فلم يتكلموا، فقال: حسبي ثواب الله من كل نكبة، وحسبي بقاء الله من كل هالك، تحدثوا.
والله تبارك وتعالى يبتلي عبده، ليسمع شكواه وتضرعه ودعاءه وصبره ورضاه بما قضاه عليه، فهو سبحانه وتعالى يرى عباده إذا نزل بهم ما يختبرهم به من المصائب وغيرها، ويعلم خائنة أعينهم وما تخفي صدورهم، فيثيب كل عبد على قصده ونيته، وقد ذم الله تعالى من لم يتضرع إليه ولم يستكن له وقت البلاء، كما قال تعالى: {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون} .
والعبد أضعف من أن يتجلد على ربه ولا يشكو إليه حاله، فإنه إذا كان سادات الخلائق، وهم الأنبياء المعصومون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، قد أثنى الله تعالى عليهم حيث شكوا ما بهم إلى الله تعالى، فقال تعالى عن بعضهم: {وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} وأثنى على أيوب بقوله: {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} ، وعلى يعقوب: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} وعلى موسى بقوله: {إني لما أنزلت إلي من خير فقير} .
«وقد شكا إليه خاتم أنبيائه ورسله بقوله: اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين» الحديث المشهور في دعاء الطائف، وهو دعاء عظيم، فالشكوى إلى الله تعالى لا تنافي الصبر ولا الرضا، بل إعراض العبد بالشكوى إلى غيره من جهله بخالقه وعدم