إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك يا رسول الله! قال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى» رواه البخاري.
و «لفظ مسلم: أتى على امرأة تبكي على صبي لها، فقال لها: اتق الله واصبري، فقالت: وما تبالي بمصيبتي؟ فلما ذهب قيل لها: إنه رسول الله! فأخذها مثل الموت، فأتت بابه، فلم تجد على بابه بوابين ...
» وذكر تمام الحديث.
ومما يقدح في الصبر والرضا، وينافيهما: إظهار المصيبة والتحدث بها وإشاعتها، سواء كان كلام بها بين الأصحاب أو غيرهم، اللهم إلا أن يقول لأصحابه أو لأقاربه: مات فلان، يعني والده أو ولده، ونحو ذلك، وما يريد به إظهار المصيبة، وإنما يريد إعلامهم لأجل الصلاة عليه وتشييعه ونحو ذلك، مما هو من فروض الكفايات ويحصل لهم بذلك القراريط من الأجر، وقد تقدم أن الإعلام بالميت، هل هو نعي أم لا؟ والمقصود أن كتمان المصيبة رأس الصبر.
قال الحسن بن الصباح في مسنده: «حدثنا خلف بن تميم، حدثنا زفر بن سليمان، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة» وذكر أنه من بث لم يصبر.
وروي من وجه آخر، «من حديث أنس ـ رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من كنوز البر كتمان المصائب، وما صبر من بث» .
ولما نزل في إحدى عيني عطاء الماء، مكث عشرين سنة، لا يعلم به أهله، حتى جاء ابنه يوماً من قبل عينه التي أصيب فيها، فلم يشعر به، فعلم أن الشيخ قد أصيب.
ودخل رجل على داود الطائي في فراشه، فرآه يزحف، فقال إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال: مه، لا تعلم بهذا أحداً.
وقد أقعد قبل ذلك بأربعة أشهر لم يعلم بذلك أحد.